مدرسة "المنتظر" لعلم الإنسان

ما هو علم الإنسان ؟

ما هو علم الإنسان؟ سؤال قديم بقدم البشرية نفسها. فمنذ أن وطئت أقدام الإنسان هذه الأرض، فهو يسعى جاهداً لفهم ذاته. وقد أسفرت هذه الجهود عن ظهور علوم شتى تتراوح بين الطب والفلك. وقد قام العلماء بتعريف الإنسان وتفسير ماهية علم الإنسان وفق تصوراتهم الخاصة لوجودهم، مما أدى إلى ظهور آراء متنوعة ومتضاربة في بعض الأحيان. ورغم ذلك، تبقى كل هذه الآراء صحيحة بطريقتها الخاصة، إذ أنها تسلط الضوء على جانب من جوانب وجود الإنسان المعقد والمتعدد الأبعاد.

ما هو علم الإنسان

أنواع و فوائد علم الإنسان

فلسفة علم الإنسان

ما هو علم الإنسان الإسلامي؟

علم الإنسان في القرآن

ما هو علم الإنسان ؟

ما هو علم الإنسان؟ سؤال قديم بقدم البشرية نفسها. فمنذ أن وطئت أقدام الإنسان هذه الأرض، فهو يسعى جاهداً لفهم ذاته. وقد أسفرت هذه الجهود عن ظهور علوم شتى تتراوح بين الطب والفلك. وقد قام العلماء بتعريف الإنسان وتفسير ماهية علم الإنسان وفق تصوراتهم الخاصة لوجودهم، مما أدى إلى ظهور آراء متنوعة ومتضاربة في بعض الأحيان. ورغم ذلك، تبقى كل هذه الآراء صحيحة بطريقتها الخاصة، إذ أنها تسلط الضوء على جانب من جوانب وجود الإنسان المعقد والمتعدد الأبعاد.

لذا يمكننا القول بأن علم الإنسان هو علم يوازي اتساع وجود الإنسان، ويجب أن يكون قادراً على فهم جميع احتياجات الإنسان ورغباته وتقديم إجابات شافية لها. ولكن العلوم التي تعرف حالياً بـمعرفة النفس أو حتى علم النفس لا تستطيع أن تفسر الإنسان بكل تعقيداته وخصائصه الفطرية، ذلك لأن كل من هذه العلوم يدرس الإنسان بشكل منفصل دون النظر إلى الجوانب الأخرى من وجوده. نتيجة لذلك، فإن كل هذه الجهود تبقى محدودة وغير كافية.

إن علم الإنسان الحديث وما بعد الحداثة، وعلم الإنسان التجريبي والطبي والديني والعرفاني، وغيرها الكثير من الأنواع التي تُخلق يومًا بعد يوم، لم تستطع الوصول إلى الهدف الأساسي، فالإنسان لا يزال يبحث عن السكينة والسعادة والحب.

ما هي فوائد علم الإنسان ؟

العالم الحديث يحوّل السعادة والسكينة إلى أساطير لا وظيفة لها سوى أن تكون شمعة تضيء ظلمات قلب الإنسان الوحيد الحزين في هذا الزمان. إن إنكار القدرات الخالدة للإنسان وتصنيفها بصفات سلبية، والسعي إلى تجاهلها وقمعها، إنما هو نتيجة نظرة غير إنسانية وغير فطرية لحضارات ترى الإنسان ليس كمركز للكون ونقطة انطلاقه، بل كجزء من أجزاء الكون تسعى إلى وضعه في قالبها، دون أن تتلاءم مع حقيقة وجوده. تلك التعريفات المتناقضة التي لا يقبلها أي قلب حي، والتي تُلبس لبوس العلم، دليل على ذلك. فوصف الإنسان بأنه حيوان ناطق، أو كائن اجتماعي، أو مفكر، أو صانع أدوات، كلها أوصاف تفتقر إلى رؤية شاملة للإنسان، وقد أدت إلى حرمان الملايين من البشر العطاشى للحقيقة حول العالم من فهم حقيقة وجودهم.

فلسفة علم الإنسان

تتناثر تفکرات و مذاهب فكرية عديدة في هذا العالم، كل منها يقدم نمطًا فريدًا من التفكير، ويحدد نقطة محورية للعلم والمعرفة بناءً على رؤيته للإنسان والكون. وفي خضم هذه الأفكار الفلسفية، دار جدال أزلي حول السؤال: أين تكمن نقطة الانطلاق للفكر ومسار المعرفة؟ هل هي معرفة الله، أم معرفة الإنسان؟

ما هي التعريفات التي قدمها علم الإنسان التجريبي و الفلسفي عن الإنسان؟

ترى العديد من المذاهب المادية أن الإنسان هو نقطة البداية، وأن معرفة العالم تبدأ بمعرفة الإنسان ذاته. وتعتقد هذه المذاهب أنه ما دام الإنسان لا يعرف نفسه، فلن يتمكن من فهم أي شيء آخر. رغم ذلك، قدم لنا علم الإنسان الحديث، بما في ذلك الفلسفي والتجريبي، معرفة محدودة عن الإنسان. هذه المعرفة، التي تأسست على العلم والفكر، لم تتمكن من تلبية احتياجات الإنسان بشكل كامل، ولم توفر له إجابات تلائم جوانب وجوده المختلفة دون أن تضر بها.

وبناءً على ذلك، يمكننا القول إن علم الإنسان المعاصر أصبح علمًا متجزئًا بلا فائدة تذكر. فالحروب والأمراض والانتحارات والطلاق والقلق والاضطرابات وكل المشاكل التي تسود حياتنا اليومية هي نتيجة هذه الطريقة في دراسة "النفس" و التي تتبع رؤية واحدة للعالم.

إذا اعتبرنا الإنسان كائنًا ظهر صدفة على سطح الأرض وسيختفي بعد فترة، فإن التجارب والأخطاء التي تؤدي إلى الفوضى والبؤس والشقاء وموت الملايين، والتي قد تقودنا في النهاية إلى نتيجة مرغوبة، قد لا تبدو خاطئة جدًا. وهذا هو ما فعلته المذاهب الفلسفية والعلمية المختلفة في القرن الماضي، حيث ظهرت تعريفات متناقضة ومتضاربة، وأدت إلى ظهور أفكار ومذاهب مختلفة، وكانت نتيجة اتباعها نشر الحروب والقتل وتدمير حياة الملايين.

ما هو علم الإنسان الإسلامي؟

الفلسفة الشيعية تصوّر الإنسان ككائن متعدد الأبعاد، ولكل بعد من أبعاده احتياجات وآمال وطموحات مختلفة. وإذا لم يعرف الإنسان نفسه معرفة صحيحة، فإن هذه الأبعاد ستتنازع فيما بينها على السيطرة. أما علم الإنسان الإسلامي فيرى الإنسان كائناً لا متناهياً لا يرتاح إلا ببلوغ الكمال المطلق. وهو يعتبر الإنسان كائناً روحانياً متصلًا بالعالم المادي في الوقت نفسه، وليس مجرد نوع من أنواع المادة بل هو السبب في وجودها. وتقدم الفلسفة الشيعية أدلة واضحة على ذلك.

في الفكر الشيعي، الإنسان هو نقطة البداية للحياة، ومعرفة الإنسان هي مفتاح معرفة الكون. فمن خلال فهم الإنسان نفهم الكون، بل ونفهم الله أيضاً. الإنسان هو الكائن الشامل، وهو محور الدائرة الوجودية، ونقطة الانطلاق للحياة والكون، وخُلق كل ما في الكون للإنسان ومن أجل الإنسان، ولا وجود لشيء إلا وهو انعكاس لوجود الإنسان.

علم الإنسان أم العلوم جميعها

الفرق بين علم الإنسان الإسلامي وأنواع العلوم الإنسانية الأخرى يكمن في شمولية الأول وتركيزه على الإنسان بوصفه محورًا لكل شيء. فكل ما يتناوله علم الإنسان الإسلامي ينظر إليه من منظور الإنسان، ويربطه أولًا بالإنسان نفسه. أما العلوم الأخرى والنظرات العالمية الأخرى فإنها تنظر إلى الأشياء بشكل منفصل، كجزر منعزلة دون أن  تربطها صلة. ولهذا السبب، فإن مسار العلوم في الأطر المادية المغلقة يتفرق إلى دوائر منفصلة، بينما يرتبط في علم الإنسان الإسلامي كسلسلة متكاملة.

هذا الاختلاف هو الذي أدى إلى نشوء الحضارة الإسلامية الرائعة في عصر الصفويين، وظهور علماء موسوعيين في تاريخ الإسلام، علماء كانوا مهندسين وأطباء وقضاة وأدباء خطباء ورياضيين وفلكيين، وفي الوقت نفسه كانوا أساتذة في الأخلاق والفلسفة، وكانوا يرتقون إلى مصاف الأساطير. ويمكن اعتبار هؤلاء العلماء نماذج ناجحة لمنتجات المدرسة الإسلامية في علم الإنسان.

علم الإنسان في القرآن

يصف القرآن الكريم الإنسان بأنه كائن لا متناهٍ في عظمته، يمتد من الله إلى الله، وهو خالد أبد الدهر. إنه مخلوق خُلق ليكمل صفات الكمال التي فطر عليها، وليحوّلها من القوة إلى الفعل و ليتهيأ للحياة الآخرة. يصف القرآن جميع أبعاد الإنسان، لكنه يؤكد على جوهر الإنسان الخالد والأبدي، ذلك الجوهر الذي هو ملكنا الحقيقي، والذي تتجاهله وتقمعه الأفكار والمذاهب الأخرى. مما يؤدي إلى زيادة اضطراباتنا ونقص سعادتنا وسلامنا يوماً بعد يوم.

في علم الإنسان القرآني، يُعتبر الإنسان المتوازن هو من يستطيع أن يُرتب أولوياته بدقة بين جميع رغباته وآماله، بحيث تظل رغبات جزءه الإنساني الخالد دائمًا على مقدمة سائر رغباته، ولا يُسمح لأي عائق بأن يقف في طريق نمو الجزء الخالد من وجوده.

في مدرسة علم الإنسان التي نتطلع إليها، ندرس الإنسان على أنه ذلك الكائن اللامتناهي كما وصفه الله، ونقدم تعريفاً جديداً لهذا المصطلح الشائع والمغلق، تعريفاً يضمن السعادة والسلام والمحبة لجميع البشر.