کتاب بناء الحضارة

يعتبر الإنسان كائنا اجتماعيا، وقد قام بتكوين مجتمعات وحضارات مختلفة عبر التاريخ. أدى تقدم العلوم والتكنولوجيا إلى توسع الحضارة المرتبطة بها في العالم، ولكن مع ارتفاع مستوى العلم ورفاهية الإنسان، أصبحت معايير السلام والسعادة والحب تتضاءل يوماً بعد يوم، لأنها كانت مساهمة القادة الإلهيين الذين هم خبراء علم الإنسان في إدارة الحضارة الإنسانية ضئيلة للغاية.
إن الحضارة البشرية المعاصرة تقوم على مبادئ مختلفة وبعيدة جداً عن الدين الإلهي ومنهجه في إدارة الأمور. وقد فشلت كل تجارب البشر في تكوين الحضارة الإنسانية طوال تاريخ حياتهم على الأرض. وبما أنّ الحياة البشرية ظاهرة متعددة الأوجه، فإن الحضارة تبوء بالفشل، إلا اذا تمكنت من التعرف صحيحا على جميع الجوانب المختلفة للحياة البشرية وتحليلها وتلبية احتياجاتها.
لذا فإن هذا المستوى من الركود الإنساني والأخلاقي الذي يعيشه العالم لا يبدو غريبا، لأننا كلما خطونا خطوة نحو تكوين حضارة إنسانية جديدة، ركزنا فقط على جانب واحد من الجوانب المختلفة لأنفسنا غافلين عن الزوايا والدقائق الأخرى لوجودنا. لا يمكن لأي حضارة ما أن تحقق ازدهارا لا ينضب، إلّا أن تحدد الإنسان صحيحا في الخطوة الأولى، وتقيم علاقة صحيحة بين الإنسان والعالم من خلال معرفة طريق الحياة ووجهتها وهدفها. ولن يتم تحديد الجوانب المختلفة للعلم والتكنولوجيا ونمط الحياة بناءً على نمو وتطور هذا الإنسان الحقيقي إلا في هذه الحالة.
فبالتالي إن المطلب الأول لتكوين الحضارة الإنسانية الإلهية هو النظرة الشاملة للإنسان من منظور خالق الإنسان. وفي دروس بناء الحضارة سندرس “الإنسان في المجال الاجتماعي” ونقوم بقياس احتياجاته الاجتماعية.
وسنتناول هذه القضية المهمة أنّها إن يصبح علم الإنسان متاحا للجميع ويؤمن كل الناس بضرورة معرفة النفس، فإلى أين سينتهي طريق التنمية الاجتماعية الإنسانية وأي نوع من الحضارة سيتم بناؤها؟
مقالات سلسلة الدروس هذه، والتي سنناقشها في الصفوف المتقدمة، مميزة باللون… وتنقسم فصول هذا الدرس إلى “بدايات تكوين الحكومة الإسلامية” و”دور الأئمة(ع)” و”نتائج بناء الحضارة”