کتاب علم الإنسان

على مر العصور ومع اقترابنا من العصر الراهن، نلاحظ تزايد عدد المدارس والنظريات حول علم الإنسان فیتبعه تزايد التعريفات التي قدمت عن الإنسان. وقد حاولت كل مدرسة من هذه المدارس تقديم تعريف للإنسان انطلاقاً من أحد أبعاده الوجودية، والذي هو الأهم والأبرز عند مفكري تلك المدرسة، وعلى هذا الأساس قد خططوا لسعادته. لأنّ الإنسان يبحث دائماً عن سعادته الخاصة من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن المعرفة هي الخطوة الأولى لتحقيق السعادة. في الواقع، يحدد الجميع سعادتهم بناءً على معرفتهم بأنفسهم. ولذلك، فإن إخفاقات الإنسان المعاصر وهزيماته متجذرة في الافتقار إلى معرفة نفسه صحيحا. إنّ التراخي، وانعدام الحافز، وقلة الخيال، والبحث عن الراحة، والعدمية، والاهتمام المفرط بالمظهر، والكسل والملل، كله ذلك ناجم عن عدم معرفة النفس. ربما ينبغي أن نضع الانحياز جانبًا ونقبل أن الإنسان في مسيره إلى معرفة نفسه قد سقط في مسير غير معلوم. فكل الفرضيات والنظريات في مجالات مختلفة من العلوم التجريبية إلى العلوم الاجتماعية، تصبح قديمة و جديدة يوماً بعد يوم. النظريات التي كانت في وقت من الأوقات تعطي للإنسان تفسيرًا لحياته وتوجيهًا لملايين البشر، تحولت اليوم إلى فرضيات تافهة ولم یعد لها مكان في عقولنا. وجدت حياة البشر في كل فترة زمنية معنى خاصاً تحت تأثير نظريات العلماء في مختلف المجالات وفقدت معاني أخرى. ويقتصر فهم العلوم الاجتماعية للإنسان اليوم على جسده والاحتياجات والتجارب المتعلقة به، وتم تجاهل كل الأمور التي لا تتناسب مع هذه الأبعاد.
تعتبر معرفة المسار الخطوة الأولى قبل البدء بالحركة والتي تقودنا إلى فهم عام لأصل الحركة وغايتها المبتغاة. إذن الخطوة الأولى في طريق التنمية الإنسانية هي معرفة أصل الحركة ولا ينبع هذا الأصل إلا من داخل وجودنا. كإجابة على أسئلة أساسية مثل: “من أنا؟” و”ما هو الإنسان؟” و”ما فائدة معرفة نفسي أو معرفة الإنسان؟” و”إلى أي طريق ستقودني هذه المعرفة؟”
تم تمييز مقالات هذا الدرس الدرس بلون… . وتنقسم فصوله إلى “أسس معرفة النفس”، و”أصول علم الإنسان”، و”اللانهاية”، و”الكمال”، و”المحبوب الحقيقي للإنسان”.